فصل: (سورة الفرقان: آية 49).

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة الفرقان: آية 49].

{لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعامًا وَأَناسِيَّ كَثِيرًا (49)}.
وقوله سبحانه: {لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا} (49) وهذه استعارة. وقد مضت الإشارة إلى نظيرها في الأعراف.
ووصف البلدة بالموت هاهنا محمول على أحد وجهين: إما أن تكون إنما شبّهت بالميت من فرط يبسها، لتسلّط المحل عليها، وتأخر الغيث عنها. أو يكون فيها من النبات والشجر لما مات لانقطاع الماء عنه حسن أن توصف هي بالموت لموت بنيها، لأنها كالأم التي تكلفه، والظّئر التي ترضعه.

.[سورة الفرقان: آية 53].

{وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (53)}.
وقوله سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ} (53) وهذه استعارة. والمراد بذلك- واللّه أعلم- أنه خلّاهما من مذاهبهما، وأرسلهما في مجاريهما، كما تمرج الخيل أي تخلّى في المروج مع مراعيها.
فكان وجه الأعجوبة من ذلك أنه سبحانه مع التخلية بينهما في تقاطعهما، والتقائهما في مناقعهما، لا يختلط الملح بالعذب، ولا يلتبس العذب بالملح.
ولغة أهل تهامة مرجه ولغة أهل نجد أمرجه وقال أبو عبيدة: إذا تركت الشيء وخليته فقد مرجته. ومنه قولهم: مرج الأمير الناس. إذا خلّاهم بعضهم على بعض. والأمر المريج: المختلط الملتبس.

.[سورة الفرقان: الآيات 61- 62].

{تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيها سِراجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُورًا (62)}.
وقوله سبحانه: {تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجًا} وَجَعَلَ فِيها سِراجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61) وقد قرىء: {سرجا} على الجمع. وهى قراءة حمزة والكسائىّ من السبعة والباقون يقرءون: سراجا على التوحيد.
فمن قرأ {سرجا} أراد النجوم، ومن قرأ {سراجا} أراد الشمس، ويقوّى ذلك قوله سبحانه في موضع آخر: {وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجًا}. ويقوّى قراءة من قرأ {سرجا} أن النجوم من شعائر الليل، والسّرج بأحوال الليل أشبه منها بأحوال النهار.
وإنما شبهت النجوم بالسّرج لاهتداء الناس بها في الظّلماء، كما تهتدى بالمصابيح الموضوعة، والنيران المرفوعة.
وقوله سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُورًا} (62). وهذه استعارة، ومعنى خلفة- في بعض الأقوال- أي جعل الليل والنهار يتخالفان، فإذا أتى هذا ذهب هذا، وإذا أدبر هذا أقبل هذا.
وقيل: خلفة أي يخلف أحدهما الآخر، فيكون ذلك من الخلافة لا من المخالفة.
وقيل: خلفة. أي أحدهما أسود، والآخر أبيض. وهو أيضا راجع إلى معنى المخالفة.

.[سورة الفرقان: آية 73].

{وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْيانًا (73)}.
وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْيانًا} (73) وهذه استعارة. والمراد- واللّه أعلم- لا يصمّون عن قوارع النّذر، ولا يعشون عن مواقع العبر. اهـ.

.فصل في التفسير الموضوعي للسورة كاملة:

قال محمد الغزالي:
سورة الفرقان:
من حق الله أن نعرفه ولو لم يبعث لنا رسلا! فآثاره تدل عليه، وفطرتنا تتجه إليه، ومع ذلك فقد شاء- رحمة منه وفضلا- أن يبعث إلينا من أنفسنا من نأنس بهم ونتعلم منهم.. ونحن لا نعرف أعداد المرسلين الذين جاءونا ولا أسماءهم، ولكنا نعلم أن جماعتهم ختمت برسول جمع كتابه زبدة تعاليمهم، وقدر الله له أن يصحب الحياة في مسيرتها الباقية حتى يرث الأرض ومن عليها، ذلكم هو محمد بن عبد الله {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا}. إن محمدا إنسان مثلنا، ولكن أمجاد البشرية التقت في كيانه، ولواء الإمامة العامة انعقد له وحده! ورشد العالم كله ارتبط برسالته الخالدة، فما يصد عنها إلا محروم. وحين أرسله الله سبحانه وصف نفسه بما هو له أهل {الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرا} وهى صفات مارى فيها الجاهلون بالله والجاحدون له، ولكن صاحب الرسالة الخاتمة صنع أمة تؤمن بها، وتقاتل دونها. وفى سورة الفرقان التي نزلت عليه إحصاء لشبهات وأقوال أعدائه، نسردها كما وردت مع دحض ما يحتاج منها إلى دحض:
1- {وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا} وتكذيب الرسل خفق شاع في الناس من قديم، فلا غرابة إذا كذب المشركون محمدا، وهم إنما كذبوا دعوته إلى التوحيد، وضاقوا من نفيه أن يكون لله أولاد!!. ومن هم الآخرون الذين أعانوه؟ ولم يدعوا الرسالة لأنفسهم؟.
2- {وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا} والمملون في زعم هؤلاء من أهل الكتاب الأولين، ترى هل أعانه النصارى على نفى التثليث؟ أو أعانه اليهود على فضح مثالبهم وهدم دولتهم؟ إن هذا مجون من القول!.
3- {وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا}!! لايعيب بشرا- رسولا كان أو غير رسول- أن يأكل الطعام، فهذه طبيعة الناس التي خلقوا بها. وماعسى أن يفعل الملك معه؟ أينوب عنه في البلاع؟ فلماذا اختاره الله إن كان عاجزا عن تفهيم الناس؟. أيؤيده عند التكذيب؟ إن الله لم يترك رسولا له دون أن يمنحه تأييده الأعلى!!.
4- {وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا}. ومضت سورة الفرقان تحصى أقوال الكافرين واعتراضاتهم:
5- {وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا}. أى: تقول الملائكة عندما تلقى المشركين يوم الحساب: لا بشرى لكم، فهى حرام محرم عليكم، ثم لا قيمة لما قدمتم من أعمال لقد جعلها الله هباء! ويلا حظ أن المشركين من قريش كالمشركين من قوم نوح، كأقوام آخرين طلبوا نزول ملائكة، ورفضوا الانقياد لبشر أنفة أن يتبعوا واحدا منهم، وهذا الكبر أرداهم... ثم جاء اعتراض آخر:
6- {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة} لماذا ينزل القرآن منجما حسب الحوادث؟ هلا نزل دفعة واحدة! وكان الجواب: {كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا} لكل حادث حديث، ولكل تساؤل يجد جواب جديد!. ذلك ومن الشائعات الباطلة أن الكتب الأولى نزلت دفعة واحدة. إن كتابة العهدين القديم والجديد استغرقت قرونا طويلة،، فلماذا ينزل القرآن جملة واحدة؟!.
7- {وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها} وهذا القول اعتراف بأن القرآن زلزل معتقداتهم، وأبان لهم زيفها، والمشركون مع صدمة الدليل ينكشف لهم باطلهم ويكادون يعترفون بالحق! كما وقع لقوم إبراهيم حين رأوا أصنامهم التي يعبدون قطعا مبعثرة، لقد كادوا يؤمنون بالله {فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون} ثم ألح عليهم العناد والتعصب فنكسوا على رءوسهم وبقوا على باطلهم. كذلك تراجع كفار مكة عن الحق بعدما استبان لهم، وأخذوا يستهزئون بصاحب الرسالة {وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا}؟. ثم أرسل القرآن حكما عاما على عبيد أهوائهم، إنهم دواب تمشى على قدمين {أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا} وتحقير الخصوم مقبول يوم يكون إنصافا للحقيقة وصونا لكرامتها... لاسيما إذا كان أولئك الخصوم يباهون بقصورهم، ويفتخرون بترفهم. ولاشك أن شريفا يلبس الأسمال خير من وضيع يخب في الحرير.. وفى عصرنا هذا لحقت بالحق هزائم أزرت به، وربما وجدت عابد وثن يركب الطائرة، وموحدا لله يشق عليه السير في الأرض..! وعلى ضوء ذلك تفهم هذا الاعتراض الأخير.
8- {وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا} والرحمن من الأسماء الحسنى، ولا يوصف به إلا الله سبحانه، فهو كاسم الذات {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن} وقد عز على المشركين أن يدعوا ما يألفون من أوثانهم، ويسجدوا لله الرحمن الواحد الأحد، فقالوا للرسول: ما نطع أمرك! وانصرفوا عنه نافرين!. وفى هذه السورة عومل الكفار بأسلوبين، أولهما: تخويفهم مما أصاب الأمم الأولى أن يحيق بهم، فحكى لهم مصير الفراعنة، ومصير عاد وثمود، وأصحاب الرس- وهم قوم كانوا يفلحون الأرض حول بئر لهم- ثم ذكرهم بهلاك قوم لوط {ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشورا} ولهذا التخويف أثره أحيانا، ولكن الأسلوب الآخر أوقع وأخلد، وقد استخدمه القرآن كثيرا: وهو إثارة العقل حتى يرعوى، وهو ما سوف نتحدث عنه. في سورة الفرقان آيات تهيب بالعقل أن يفكر في ملكوت السموات والأرض، بدأت بالحديث عن الظل! {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا}.
إننى أرى ظلى أحيانا ضعف قامتى، ثم بعد حين يتقلص حتى يقع تحت قدمى! كيف يمتد وينكمش؟ وقد ذكرت أن ظل الطائرة يسابقها وهى تهبط إلى الأرض، وأن للكواكب ظلالا ينشأ عنها الخسوف والكسوف، وأن كل شيء له ظل يتبعه {ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال} ونحن عندما تنسخ الشمس ظلا نتحول إلى مكان آخر كما قال الشاعر: وإن صريح الرأى والعقل لامرئ إذا بلغته الشمس أن يتحولا...! هل فكر أين ذهب الظل؟ وبأى سرعة يسير على وجه الأرض أو في جو السماء؟ هل فكر في لطافة القدرة الإلهية التي تصنع ذلك دون جهد ولا تكلف؟. وندع الظل إلى حركتى الليل والنهار، ومنامنا عندما يضمنا الليل في أستاره! عندما آوى إلى فراشى أحسبنى سأهمد وأستريح..! ولكن سرعان ما أقول: قد أغمض عينى، لكن قلبى باق يدق، وصدرى يعلو ويهبط، وحركات الجهاز الهضمى في شغل موصول باعتصار ما بها.. إن عمل الله في جسمى لا ينتهى إلا بالموت المجهز! ومع ذلك فقلما نذكر الله، ونحن ما نخرج من بين أصابع القدرة!! ما أطول كنودنا.. ونحن سكان وادى النيل قلما نرقب المطر، لأن النهر قريب منا نغترف منه ما نشاء، لكن من أين أتى النهر؟ لقد ظلت السحب تقبل من المحيط الهندى حاملة الغيث تهمى به آناء الليل وأطراف النهار، ثم تنحدر المياه إلينا في نهر ميمون الغدوات والروحات، تؤمن حاجاتنا من الماء الطهور وحاجات أرضنا إلى الرى والخصب طول العام!. أليس يتناولنا قوله تعالى: {وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا}. وفى مدننا وقرانا نفتح الصنابير فيسيل الماء دون كد، إننا أسعد ممن ينقلون في الجرار أو على ظهورهم!! {ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا}. إن الإيمان قريب المصادر، إنه تحت العين لمن يبصر، ومع ذلك فما أكثر الملاحدة..!!.
وبعد سرد لمظاهر القدرة، وآيات الله في الآفاق يقول سبحانه.. {تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا} تنامت رحمته وعفت بركته، والآية بهذه القراءة تشير إلى الشمس وأسرتها المعروفة، وهناك قراءة تقول: {وجعل فيها سرجا} وهى تشير إلى عوالم أخرى، وقد أثبت العلم أن عالمنا واحد من عوالم تحصى بالألوف، وأننا في حساب الكون الكبير شيء تافه، وأننا خلقنا لنواجه اختبارا دقيقا جدا: ترى هل سنذكر أم ننسى، هل سنكفر أم نشكر، وبعضنا نحتبر بالبعض الآخر كما جاء في هذه السورة: {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا}. ترى من ينجح في هذا الاختبار ومن يفشل؟ ينجح فيه عباد الرحمن، ويفشل عباد الشيطان! وقد شرعت السورة في سرد وصايا عشر هي خصائص عباد الرحمن، وهذه الوصايا تنضم لأمثالها في سور أخرى لتتكون من جملتها صورة السلوك الإسلامى الوضىء: قال تعالى: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} والمشى الهؤن لا يعنى البطء أو التماوت، إنما يعنى الاعتدال وعدم التكلف.. ومخاطبة الجاهلين للناس تنطوى على الشراسة، فلنلق الخصام بالسلام والتجاوز، فالأمر كما قيل: لو كل كلب عوى ألقمته حجرا لأصبح الصخر مثقالا بدينار...! {والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما} لابد من نوم يجم الجسد ويعين على العمل!. والمهم ألا ننام عن صلاة العشاء ونوافلها، وأن نستيقظ قبيل نداء الفجر نستفتح النهار بخير، فإذا صلى المرء العشاء في جماعة والفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله... {والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما} إنها غرامة مهلكة يصحبها الخزى والبلاء المقيم، وينبغى لكل مؤمن أن يزحزح نفسه عن ذلك المستقبل الأسود، وليقاوم تيارات الجاهلية الحديثة التي تعلقه بالدنايا، وتذهله عن الواجبات. {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما} إن البخل خسة، والإسراف سفه، ويعجبنى قول المتنبى في بيت واحد جمع ثلاث حكم: ذكر الفتى عمره الثانى، وحاجته ما قاته، وفضول العيش أشغال!..!! {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون} هذه جرائم ثلاث تنتشر بين الناس على تفاوت، قد يكون أولها الزنا، ثم عبادة النفس والهوى مع الله أو من دون الله، ثم قتل النفس.... {ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا}. ومن أساء يستطيع الإحسان، ومن أسف يستطيع التوبة، والتوبة معروضة على الناس كلهم ما بقوا أحياء، وعندما يغيرون أنفسهم يتغير ما بهم.. {والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما} المشغول بالجد والمربوط بالحق لا يشهد زورا ولا يقول لغوا..!. {والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا} إن تلاوة القرآن تتطلب يقظة القلب، وحضور الوعى، وتذوق المعانى، وشهود المتكلم سبحانه!. فمن قرأ وهو غائب الفؤاد لم يستفد من حركة اللسان شيئا. {والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما} أى: قدوة، فليست الآية طلبا للرياسة، واستقرار العين على والطهر، واستقرارها على الذرية أساس الرضا، وحصانة من الحسد. {أولئك يجزون الغرفة بما صبروا} المنزلة الرفيعة في الجنة، جعلنا الله من أهلها بتجاوزه ومغفرته.. اهـ.